مخطوطة فوينيتش هي كتاب رسومي غامض يعود تاريخ كتابته إلى حوالي 1404 - 1438م، ويُعتقد أنها صُنعت على يد مؤلف مجهول باستخدام أبجدية ولغة غير مفهومة. رغم جهود العديد من المحترفين وعلماء التعمية، بما في ذلك بعض أبرز الخبراء البريطانيين والأمريكيين أثناء الحرب العالمية الثانية، فإنهم فشلوا في فك رموز هذه المخطوطة الغامضة حتى الآن.

المخطوطة تظهر استخدامًا لنوع من علم التعمية القديم، مما دفع ببعض الباحثين إلى اعتبارها خدعة متقنة، وأن الرموز المستخدمة لا تحمل أي معنى مفهوم. اسم فوينتش الذي يُطلق عليها اليوم، يأتي من اسم بائع الكتب البولندي-الأمريكي ويلفريد فوينيتش (1865-1930)، عاشق الكتب والآثار، زوج الكاتبة المعروف إثيل ليليان فوينيتش. مخطوطة غامضة حصل عليها فوينيتش لمجموعته في عام 1912. وعلى الرغم من أن ذلك لم يؤثر على النجاح في فك رموز المخطوطة ، إلا أنه أثر في النهاية على مصيرها المستقبلي - في عام 1959 باعها ورثة عائلة فوينيتش لبائع الكتب هانز كراوس ، الذي أعطاه في عام 1969 لمكتبة "بينيك" للكتب النادرة والمخطوطات في جامعة "يالا" في عام 2005، وأُصدرت نسخة أولى منها في نفس العام.

المخطوطة تحتوي على حوالي 272 ورقة موزعة على 17 ملزمة، وتظهر تفاوتًا في طول الورقة بينما يشير الفجوات في عدد الصفحات إلى فقدان بعض الأوراق عندما امتلكها فوينيتش. تم استخدام الريشة وألوان متنوعة في الكتابة، ويُعتقد أن بعض الترتيبات في الصفحات تغيّرت في وقت لاحق من تاريخ الكتابة.

المخطوطة تتكون من نحو 17,000 نص منفصل، مع فراغات تقسم حوالي 35,000 كلمة، وتحتوي الرموز المستخدمة على تنوع يشبه الأبجديات الأوروبية في القرن 15م. الرسوم التوضيحية في المخطوطة تشير إلى وجود ستة أقسام مختلفة، منها القسم العشبي والفلكي والأحيائي والمجري وقسم الصيدلة والوصفات.

من الجدير بالذكر أن تاريخ المخطوطة لا يزال مجهولًا بشكل كامل، وهناك فجوات كبيرة في أجزائها الأولى. على الرغم من أن الأبحاث العلمية تُجرى باستمرار لتحديد أصل وزمن كتابتها، يظل التاريخ محاطًا بالغموض.

في العام 2009، أجرت جامعة أريزونا بحثًا علميًا باستخدام اختبار الكربون-14 لتحديد عمر المخطوطة، وقد أشارت النتائج إلى أنها يمكن أن تكون مؤرخة بين عامي 1404 و 1438م. تبين أيضًا أن المالك الأول المعروف للمخطوطة كان جورج باراسيتش، خيميائي عاش في براغ في بداية القرن 17م.

على مر السنوات، انتقلت المخطوطة بين العديد من الملاك، بدءًا من باراسيتش إلى جان ميريك ميرسي، ثم إلى جامعة يال، وأخيرًا إلى ويلفريد فوينيتش، ومن ثم إلى آن نيل التي باعتها في عام 1961 إلى هانس كراوس. في عام 1969، تم التبرع بها إلى جامعة يال.

الجانب الغامض لمخطوطة فوينيتش يعززه الانطباع العام الذي تظهره الأوراق المتبقية في المخطوطة، حيث يشير إلى أن المؤلف قد قصد خدمة العلوم الصيدلية أو صياغة أدوية جديدة خلال العصور الوسطى. على الرغم من أن الفحص الدقيق للرسوم التوضيحية في الكتاب قد أشار إلى أنها قد تكون مرتبطة بالأعشاب والنباتات، إلا أن تفاصيلها أثارت العديد من الأسئلة حول أصل المخطوطة وغرضها الحقيقي.

القسم الأول من المخطوطة يتعلق بمجال الأعشاب، وعلى الرغم من محاولات التفسير، فإنه فشل بوضوح في التعرف على النباتات الموجودة. فقط زوجان من النباتات يمكن تمييزهما حالياً، وهي زهرة الثالوث البرية وسرخس كزبرة البئر. رغم أن هذه الأعشاب رُسِمت بوضوح، إلا أن الجزء الأكبر من التفاصيل تظهر غائبة وتم استكمالها بتفاصيل متخيلة. ومن الملاحظ أن هناك العديد من النباتات تظهر متصلة، مما يشير إلى أن جذور أحدها قد تكون متصلة بأوراق الآخر، مع وجود زهرة ثالثة.

القسم الحيوي في المخطوطة يظهر اتصالًا بين الرسوم وعلم الكيمياء، والذي يشير إلى أن المخطوطة قد تحتوي على تعليمات لتحضير مركبات طبية. تظهر الرموز الكيميائية في الكتاب مماثلة لتلك المستخدمة في كتب العصور الوسطى، ولكنها لا توفر أي دليل على محتوى المخطوطة بشكل واضح.

الأقسام الفلكية في المخطوطة أثارت تساؤلات حول دور التوقعات الفلكية في جمع الأعشاب وإجراء عمليات معينة خلال فترة زمنية معينة. ورغم وجود رموز فلكية وتصوير كواكب، يظل تحديد المعاني الحقيقية لهذه الرسوم غامضًا. بعض التفسيرات تفترض أن الرسومات قد تصوِّر المجرات أو خلايا مرصعة أو حتى مجهريَّة.

رغم محاولات الكثيرين في تفسير أصل ومحتوى المخطوطة، إلا أن الغموض يستمر حتى اليوم، والتساؤلات حول كاتبها وهدفها الحقيقي لا تزال بلا إجابة.