صدر كتاب اللامنتمي عام 1956 بقلم الأديب البريطاني كولن ولسون، وما زالت مناقشاته تثير الاهتمام حتى يومنا هذا. يعد هذا العمل الأدبي الفريد من نوعه، حيث استحوذ على انتباه القرّاء والنقاد، ويركز على دراسة ظاهرة نفسية تُعرف بـ"اللامنتمي". يقدم الكتاب رؤية جديدة تستكشف تأثير الانعزال والعدم الانتماء على الفرد، الذي يظل يمشي في ظله العميق في طريقه المظلم.

في الكتاب، يتعامل ولسون مع موضوع "اللامنتمي" بشكل شامل، ويقدم تحليلاً موسعاً لشخصيات الأفراد اللامنتمين، استناداً إلى دراسته الواسعة وتحليله لآثار كبار الكتّاب والفنانين. يقوم بتحليل تأثير أعمال كافكا ودوستويفسكي وهمنغواي وكامو وسارتر ونيتشه وفان جوخ ولورنس وغيرهم، كاشفاً عن جوانب نفسية وأدبية تتعلق باللامنتمي.

تبدأ الرحلة في الفصل الأول بمقولة لولسون: "اللامنتمي هو مشكلة اجتماعية، إنه الرجل الموجود في الحفرة". يقوم بتحليل هذه الشخصية الوجودية بمهارة، حيث يبرز ولسون أن اللامنتمي يدرك هشاشة أسس الإنسانية، ويتمتع بحساسية تفوق تفوقاً المتفائلين العقلاء. يركز الكتاب على مفهوم الحرية كمشكلة معقدة بالنسبة للفرد اللامنتمي، حيث يربطها بالدين أكثر من العقل، ويعتبر العقلاني الذي يمارس الحرية السياسية غير حر روحياً.

ولسون يتناول العديد من القضايا الفلسفية والنفسية المتعلقة باللامنتمي، ويشير إلى أعمال كبار الفلاسفة مثل نيتشه وشوبنهاور. يركز على تفاصيل تجعل اللامنتمي أعمق في فهم الواقع مقارنة بالآخرين الذين ينشغلون بتفاصيل الحياة اليومية.

وفي نقد لفلاسفة مثل إيمانويل كانت، يعتبر ولسون أن اللامنتمي يتصف بفهمه الفطري للمشاكل النفسية، بينما يرى أن الفلاسفة يغفلون عن جوانب الوجدان والعاطفة. ومع ذلك، يؤكد على أهمية الكتابة الأدبية في فهم مشاكل اللامنتمي، حيث تعد الأدب وسيلة للتعبير الفني التي يمكنها تسليط الضوء على تلك الحالة الروحية.

ينتقل الكتاب إلى استكشاف مفهومي الوجود والعدم، ويتناول قضايا تتعلق بأعمال باربوس وشارل شوبنهاور. يسلط ولسون الضوء على تحليلات الفلاسفة والكتّاب، مؤكداً على أن اللامنتمي يواجه الفوضى والاضطراب بشكل صريح، ويتقبل الحقيقة بغض النظر عن الظروف.